يوميات سجين
من يوميات سجين |
من يوميات سجين
كالأعشاب البحرية ظلت الأحداث الأخيرة عالقة بذهني و عبثاََ حاولت ألهي نفسي بأمور أخرى ، تناولت ورقة وقلم و أسندت ظهري إلى حائط في زاوية من زوايا السجن و أخذت أخط و شبح القلق و التوتر يطاردني،
حملت سيارة جسدي المنهك الى المحكمة و منها الى السجن العام ، مزيج من التوتر و القلق و الذهول تنتابني ، لم أكن خائفا بقدر ما كنت ضجرا، لم اصادف مثل هذا الموقف في حياتي ، رهطا من الرجال تجمعهم زنزانة واحدة دون تمييز بين الموقوفين و المحكومين ، بين من ينتظر حكمه و من يستعد للمغادرة الكل في مكان واحد يحيط بيهم الحديد من كل مكان ،
شيء ما يطبق على أنفاسي يخنقني، اجتمع حولي مجموعة من السجناء وسرعان ما بدأت الأسئلة تنهمر عليّ انهمار المطر ، كيف حالك ؟ من اين انت ؟ يسأل آخر ما قضيتك؟ لماذا انت في هذا المكان البأس ؟
كان السجناء لطفاء معي لم اتوقع أن أجد هذه المعاملة الطيبة ، البعض تقاسم معي اكله و الأخر قدم لي ملابس و الأخر يطمئنني بأن الأمر بسيط ،
في تلك الليلة لم أعرف للنوم طعم فقط الكوابيس تجثم على صدري و تنهال الهواجس و الوسوسة على مخيلتي و تحتل أفكاري كلها غير مصدقا ما يحدث ،
كان قدوم عائلتي في اليوم التالي كدعوة الرحمة التي تنزل على شخص ميت ، كم كانت سعادتي كبيرة عند رؤيتي لأخوتي، لم يكن لقاء مباشر بل كان عبر هاتف يفصل بيننا زجاج فاخر تفوق قيمته قيمة الإنسان في هذا المكان ، اما عن المكالمة فهي لا تتعدى 15 دقيقة غير كافية لشخص مشتاق الى عائلته ،
في السجن من اجمل اللحظات هي لحظة زيارة العائلة حتى أنها لا يفوقها روعة الا لحظة الخروج، السجين ينتظر ذلك اليوم الأسبوعي بفارغ الصبر حتى أنه يعدل أيامه كلها في السجن على تلك الزيارة و أشد عقاب هو تخلف العائلة عن الزيارة فهي مصدر الطاقة و الدعم المعنوي و المادي
كان بعض السجناء خاصة العشاق يستعينون بالرسائل البريدية فكم من نصوص حزينة معبرة نسجت و كم من رسائل حب راقية بعثت إلى أولئك الذين لا يخونون مهما ساء الحال ومهما طال الزمان و الغياب لا يستبدلونك .
الوقت في السجن يمر ببطء شديد و ممل ، والفراغ في السجن مثل سفينة ذكريات مهما حاولت ان ألهي نفسي بأمور أخرى سرعان ما يسرح العقلي بأحداث مضت وهذه المرة الذاكرة تأخذني الى أعز ما أملك في الحياة بل هي الحياة نفسها أنها أمي تلك الروح التي تسكن روحي ، كم طلبت مني ان أتزوج و كم ترجتني أن تبحث لي عن زوجة و كم تمنت أن يمتلئ البيت بكنة تشبهها تعلمها تقليد بيتنا و بأحفاد تربيهم و تتسلى معهم، اما أنا كنت كشخص ضائع بأحدى عربات المترو لا يعرف وجهته
قصة سجين |
انا بخير الحمد لله
هل مزال القلق و الضجر يلاحيقانك ؟
أخبرته أني أفضل حال مقارنة بالأيام الاولى ،
سليم شخص طيب ، رغم ان وضعه معقد حيث زج به في السجن في قضية خطيرة لا دخل له فيها ، مع ذلك البسمة لا تفارق وجه ، حتى اني قلت له انت تعجبني يا أخي لأنك غير متوتر و طبيعي و كأنك مقيم في بيتك لا في السجن ، كان رده دائما بكلمة بسيطة تلخص كل حديث "لبأس" فلن يصيبنا الا ما كتب الله لنا و ما عسانا نفعل غير الصبر ،
في الواقع كان سليم محق لا نملك غير الصبر لأن الإنتظار في السجن سم قاتل و الحل هو التوكل على الله هو حسبنا و نعم الوكيل.
من المقربين إليّ داخل السجن صديق يدعى سليمان كنت اعتبره أخ أكبر ، مضى عليه وهو في غيابات السجن أكثر من عشرين عاما أنها مدة طويلة جدا ، كنت أسئلة دائما عن السر الذي ساعده في تحمل هذا المكان الضيق كل هذه المدة الطويلة ، تبسم سليمان بسمة هادئه ثم قال أستعين بالصلاة و الدعاء و القرآن، لكن كانت الإجابة ناقصة لأني كنت ألاحظ أن يكثر من النوم نوم قهري،
سليمان قليل التحدث مع الآخرين و مزاجه ينقلب كما تنقلب الساعة الرملية تماماً ، لكنه كان شخص طيب القلب ،
إقرأ أيضاً :
يوميات سجين - داخل القضبان A Prison Diary
كلمات كتبت من داخل السجون _ رواية من مذكرات سجين الحب
من مذكرات سجين _ معاناة العائلة و تعاطف الناس Diaries of a prisoner
الكلاب لا تفعلها وانت تعضين اليد التي مُدت لكِ؟ قصة و عبرة
رسالة من صديقي في السجن - رسالة من خلف القضبان